السبت، 19 ديسمبر 2015

The most painful thing is to see yourself fall … Very deep inside you, you see leaves fall very slowly from the top of tree branches and the sun is going to rest in its final destination … It's the sunset again … You just don't believe that what you struggled to do is fading away … Just try to persuade yourself it not happens and it's just illusion... … But very deep inside you, you believe your sense and know … It Happens Really!!! … As happens every time and as it will happen again and again … It will extend over and you won't have your rest … You won't get your peace as you like … Or as you struggled to find … It's YOU that you have a strange world with very strange rules … Mayhaps they can't be obeyed that easily but they can't be changed … But at last you will be tired seeing that sunset again and say to yourself: is it the last sunset??? … Or you need to feel another upcoming warmth mayhaps it will come … Or mayhaps not … Anyway you know it's the night again although you don't believe it … You know that you need to crawl to your cave to protect yourself from the upcoming night storms … From your seat in your cave you will see the cold storm blows again as you used to see before … But every time you will feel its cold as you felt it the first time … You will never get costumed on it … You just now know you came back to be alone again … And you must bear this stormy night whatever it extends …


====================================================================
From Alaa Noureldeen's Diaries (Writing date is not recognized)

المشهد الأخير

انه ذلك الظلام بداخلى الذى يخلق لدى ذلك الشعور الغريب ... شعور رهيب بالملل ... ملل ناتج عن الارهاق ... مللت طريقى الطويل الشاق الذى اركض به وحيدا دون ونيس ... يزداد طول الطريق و تتزايد برودة الجو شيئا فشيئا ... تزداد العتمة حتى لا اكاد ابصر ما حولى ... لا اسمع شيئا سودى تردد انفاسى و وقع اقدامى الذى اتخذ ايقاعا رتيبا اعتدت عليه حيث لا يوجد غيره ...


***********************************************


و مرة اخرى يهتز المشهد كسطح بحيره القى فيها حجر ... و يذوب كل شئ ... و اعود ... احدق فى المبانى المنطلقة تناطح السماء من جلستى بجانب النافذة ... اتابع بذهن غائب شفاهم و هى تتحرك بالكلام ...

انهم كثيرون ... استطيع سماع كلامهم لكنى لا استطيع استيعابه ... و مرة اخرى اتشاغل بالتحديق فى نسيج العنكبوت بركن السقف ... لا استطيع ان ارى العنكبوت لكنى اتخيل انتظاره الصامت فى سبيل العثور على فريسة يلقيها حظها العاثر فى شباكه ...

و ابتسمت ...

-          حنشتغل ايه النهاردة؟؟؟ 

و كان الكلام موجه لى ...

-          فيه كام حاجة كدة فى دماغى عايز اعملها ... حقعد دلوقتى اقولكم انا ناوى على ايه بالظبط ... 

تصمت قليلا ... ثم ترفع رأسها و توجه لى الكلام 

-          انا زعلانه منك من حاجة ...  

-          خير؟؟؟ 

-          انت عارف انى لو حصل و حسيت انى حشيل من حد بقوله على طول ... هى دى طريقتى ... 

-          و دى حاجة متزعلش حد ... خير زعلانه ليه؟؟؟؟ 

و تحركت شفتاها بالكلام ... و تابعت عيناى حركة شفتيها ... و التقطت اذناى الكلام الكثير المنطلق منها و الذى كنت ارد على اجزاء منه بطريقة آلية ...


و انطلقت الافكار تعربد فى رأسى ... و مرة اخرى اهتزت الصورة و ذابت الموجودات ...

***********************************************

و هذه المرة رأيتك ...

استطعت ان استنشق عبيرك الذى داعب انفى ... و لمحت بأعين مشتاقة خصلات شعرك الاسود الناعم الذى عبثت به الرياح الخافتة ...

و استطعتى ان تلمحى دموعى الساخنة تسيل على وجنتى فمددت اصابع رقيقة و قمتى بمسحها ...

-          انت زى ما انت ... مش حتتغير ابدا ... 

و ابتسمت لحديثك ابتسامة خافتة ... رفعت عيناى اللاتى تركزتا على اللاشئ الذى نقف عليه و يحيط بنا سويا ... و حلقت طويلا فى حلكة ليل عينيكى الساحر ...

و ابتسمتى ...

-          مالك؟؟؟ 

-          تعبان ..... و خايف !!! 

-          خايف و انا موجودة؟؟؟ 

 -              ......

-          هى الاجابة صعبة للدرجة دى؟؟؟ 

و نظرت اليكى مرة اخرى ...


هل ما زالت لديكى القدرة على رؤية افكارى يا فتاتى الصغيرة؟؟؟

***********************************************

انه ذلك الطفل الصغير الذى قرر ان يترك بيته الدافئ و ينطلق خارجا ... داعب وجهه نسيم الليل الخافت و ارتسمت فى عينيه اوراق الاشجار ببريق فضى ناعم ... انها بداية الليل التى بعثت فى داخله تلك الرغبة فى الاقدام على مواصلة السير مسترشدا بالقمر ... سار طويلا و عيناه معلقة بالسماء و احلام طفولية تراوده بانه سيستطيع الوصول الى ذلك القمر الذى يضئ الليل فوقه و يصبغ الموجودات حوله ببريقه الفضى ... لكن سيره لم يقربه من القمر و ظلت المسافة بينهما ثابته ... و بدأت احلامه تتحول الى كابوس من الذعر عندما ادرك انه تاه عن طريق العودة ... و تحولت رغبته الملحة فى الوصول الى القمر الى رغبة اقوى فى العودة الى المنزل الدافئ ... ظلت عيناه تفتش فى وجوه السائرين حوله على وجه يحبه ... وجه امه ... يعلم انه ترك بيته برغبته لكن ذعره تحول الى نداء صامت داخله الي امه: لماذا تركته وحيدا؟؟؟


سيره الطويل جعله اكثر هدوءا و من داخله بدا يتقبل واقعه الجديد ... لقد تاه فعلا ... و عليه ان يعتمد على نفسه كى يجد طريق العودة للمنزل ... حاول كل جهده ان يرسم فى خياله معالم الطريق ... لكن حدة الليل كانت تزداد مع سيرة و بدأت الطبيعة تكشر عن انيابها بعدما اعطته ابتسامتها المشجعة الناعمة ... ازدادت برودة الليل و توارى القمر خلف السحب الرمادية الداكنة ... و ازدادت قسوة هطول المطر و اضاءت جوانب الليل اسواط البرق الصاخبة ... لم يجد له مأوى من العاصفة سوى ذلك الكهف الذى جرى اليه و انكمش فى احد اركانه ... فى جلسته الصامته راوده حلما بأنه قد استطاع العودة الى المنزل ... استطاع ان يرى وجه امه مرة ثانية و استطاعت ان تضمه اليها بعد تلك الغربة الطويلة ... استطاع بين ذراعيها ان يحس بالدفء الذى اشتاق اليه و استطاع النوم ان يداعب جفنيه بعد سهر طويل ... لكنه كان مجرد حلم ... و كانت الحقيقة انه ما زال منكمشا حول نفسه فى ركن ذلك الكهف المعتم حتى تنتهى العاصفة و حتى يأتى النهار ... و حتى يستطيع ان يستكمل رحلته فى البحث عن طريق العودة ...

***********************************************

هل ما زالت لديك القدرة على رؤية افكارى يا فتاتى الصغيرة؟؟؟

و اتى دورك فى الصمت ...

لكنك فى النهاية رفعتى عيناكى الى و همستى بصوت خافت:


-          انا عمرى ما سبتك !!! 

***********************************************

و تتوه الموجودات و تهتز الصورة ...


اجدنى انطلق فى ذلك السهل الاخضر الممتد الى مالا نهاية ... يصطدم الهواء بوجهى من سرعتى فى الانطلاق و احس بالمتعه تغمرنى ... اعرف اننى فقدت شكلى المعتاد و تحولت الى شكل اخر ... تحولت الى كائن صغير ينطلق فى الغابة الواسعة بلا توقف ... الان استطيع ان اجرى و استطيع ان اغوص فى اعماق تلك المياه الزرقاء الصافية ... استطيع ان اتسلق الاشجار ... استطيع ان اطير ...

***********************************************

و استطيع ان ابتسم من متعتى الهائلة ...

-          يعنى انا بقولك الكلام ده كله و انت فى الاخر تضحك؟؟؟ 

و انظر فى عينيها و ابتسم مرة اخرى ...

-          اصل كالعادة زعلك مش فى محله ... انتى بس اللى واخده الامور بحساسية اكبر من اللازم ... 

-          لا مش واخده الامور بحساسية ... انت اللى اتغيرت و مبقتش زى الاول !!! 

اضحك مرة اخرى على كلامها فتحمر وجنتيها من الغضب ... 

التجربة

هل يستحق الموقف فعلا تلك المعاناه؟؟؟؟

تذكرت الطريق الطويل الذى اتخذته منذ الفجر كى اصل لذلك المكان ... لا اعلم لماذا قبلت ان اشترك فى تلك التجربة ... لكن شئ ما بداخلى دفعنى للقبول ... انها تلك الروح المتوهجة بداخلى التى تتمنى الطيران و التحرر الى افاق بعيدة ... هل ستحقق لى تلك التجربة ما كنت ابحث عنه طوال حياتى؟؟؟ ... الانطلاق !!!

انه المغرب ... تأملت الحديقة المهملة حولى التى تغطيها اوراق الشجر الذابلة ... ارتفعت الاعشاب الى مستوى غير عادى لعدم وجود اى تهذيب لها منذ سنوات بعيدة ... انه مكان بعيد نسته الدنيا و قرر ان ينعزل عن العالم ... تعبث الرياح الخافتة بشعرى و معطفى و انا اتامل المكان حولى ... تتجول عيناى فى انحاء المنزل المكون من طابقين القائم امامى ... لونه ابيض حائل من القدم ... وقف يتحدى الزمن لكن معركته لم تخل من جراح ظهرت فى شقوق انتشرت فى ارجائه ... تجولت اشعة الغروب الخافتة بين اوراق الشجر المتبقية على الغصون ... انه الخريف ... تجاهد تلك الورقات المتبقية ان تحتفظ برونقها امام قبضة الخريف العاتية لكنها لن تستمر ... سرعان ما ستنضم لرفاقها و تتحول الى ورقات ملتوية بنية تسحقها الاقدام العابرة ...

انه الخريف ... يجب ان تموت تلك الاوراق كى تخلق الحياه مرة اخرى ...

هل تأخرت عليهم؟؟؟

اعلم انهم منتظرين بالاعلى ... سوف تتم التجربة بالطابق الثانى و لا اعلم لماذا يتوقعون لها نتائج باهرة ... اعتقد انه لا امل لهم الا تلك التجربة كى يتوصلوا الى سر دفين ... و لا اهتم ... التجربة فقط تشدنى بكل ما فيها و من فيها ... يشدنى كل شئ حولى من همسات الرياح الخافتة و السقوط البطئ للاوراق على الممر الترابى بين الاشجار الضخمة الملتفة ... يبهرنى المنزل الصامت القائم فى وسط الحديقة يخفى اسرارا لم يراها غيره ... هو الشاهد الوحيد على اجيال مرت بذلك المكان و اندثرت ... و لن يعرف سرها سواه ...

سوف اصعد الان ... اعتقد انهم بانتظارى ...

اتخذت طريقى الى الدرجات الخشبية لذلك المنزل ... صوت تكسر الاوراق الذابلة اسفل قدماى يبعث بداخلى قشعريره عجيبه ... لكنها ممتعه فى نفس الوقت ... صعدت الدرجتين اللاتى تفصلانى عن الباب الخشبى الضخم و دفعته و اتخذت طريقى للداخل ...

البهو الضخم الصامت لا تنيره غير اضواء الشموع اللاتى احضروها معهم للاناره ... يقولون ان التجربة لن تتم باستخدام الكشافات الكهربية الحديثة ... يجب ان تتوفر جميع الظروف التى كانت موجوده فى ذلك العصر كى تتم التجربة بنجاح ... و لا اهتم ... بكل صدق يعجبنى ضوء تلك الشموع و الجو الصامت الغامض الذى تبعثه اشعتها المرتجفة ... تعجبنى الظلال الخافتة التى تلقيها اضواء الشموع على جدران المنزل الحائلة من القدم ...

صعدت الدرجات الخشبية العتيقة التى صرخت من ضغط قدماى عليها بعد سنوات طويلة من العزلة ... الطابق الثانى تنتشر على جانبيه ابواب حجرات كثيرة ... اعلم انهم فى تلك الحجرة التى فتح بابها و ظهر منه انعكاس ضوء شموع تمت انارتها بالداخل ... فبددت نوعا ما الظلمة التى غمرت الطابق باكمله ...

دخلت فوجدتهم جميعا جالسين ... اومات براسى اليهم فاشاروا لى بالمثل ... اتخذت مقعدى امام ذلك السرير النحاسى القديم و جلست اتاملهم ...

كانوا جالسين جميعا حول السرير من الجانبين ... اضاؤوا شموعا وضعوها فى جوانب الحجره كى تبدد الظلام القائم ... يقولون ان اكبرهم هذا قد قام بالتجربة مرات عديدة قبل ذلك و يستطيع القيام بها مرة اخرى بمهارة ... الاحظ جلسته امام السرير و تململه و طرقات قدمه المنتظمة على الارض الخشبية ... هل يستطيع ذلك حقا؟؟؟

اتاملها و هى تتبادل الحديث الخافت مع الشاب الجالس بجانبها ... اعلم انها لا ترانى و لم تستطع يوما ان ترانى ... و لم استطع يوما التوقف عن رؤيتها ... لم استطع يوما منع قلبى ان يخفق من اجلها ... فقط اتامل مناجاتها للشاب بجانبها الذى لا استطيع ان اكون مكانه ... لكننى اخفى ذلك فى اعماقى و ابادلها الابتسام عندما تنظر لى ...

هل تشعر بالتوتر حقا؟؟؟؟

بالتاكيد سوف تشعر بالتوتر من مثل تلك التجربة الغريبة ... ستشعر بالخوف و الرعب الشديد ان تمت بنجاح ... سوف تحتمى فى صدره من شبح الخوف المحيط و سوف يمنحها الامان بلمسات حانية من اصابعه على شعرها الناعم الاسود ... بالتاكيد سوف يفعل كل ما كنت سافعله ان كنت فى موقعه ... و لكننى لست فى موقعه ... و لن اكون ...

-          سوف نبدأ !!! 

صدرت تلك الكلمات بصوت عميق بدى فى اذنى غريبا ... و تحرك الرجل كبير السن تجاه السرير و قام بتنسيق الملاءات عليه ... قام بوضع المنامة الحريرية قديمة الطراز ذات الخطوط الزرقاء الطولية على السرير و وضع فوقها الغطاء الصوفى الموجود ...

-          كل شئ جاهز الان .... فقط الصمت !!! 

اسمع همساتها و استطيع ان المح بعض من الكلمات التى توجهها اليه ...

-          هل نحن بحاجة الى ذلك حقا؟؟؟؟ 

-          لا توجد طريقة غيرها كى نعرف اين اخفى تلك الماسات التى تحدثت العائلة كلها عنها ... 

-          بدات اعتقد انها مجرد اشاعات ... 

-          ليست اشاعات ... كانت موجودة ثم اختفت مرة واحدة ... ذكر فى وصيته انها ستذهب بموته ... و قد ذهبت ... 

 -              ................

-          فقط اصمتى ... سوف تعلمين الان اننى على صواب ... 

و تنظر الى ...

-          هل تثق بذلك حقا؟؟؟ 

ابتسم ...

-          تعلمين ان الامر لا يعنى شيئا لى ... فقط اهتم بالتجربة ... انها مبهرة !!! 

-          نعم اعلم ... اعلم انك مجنون !!! 

-          الصمت !!!!!! 

و جلسنا جميعا صامتين نتابع ما يفعله ...

لا اعلم ما الذى فعله حقا ... فقط اهتممت بمتابعة حركاته المتوترة ذهابا و ايابا الى السرير النحاسى ... نثر شيئا ما فوق المنامة و الغطاء الصوفى و جلس على مقعده و القى راسه الى الوراء ... كان فى مظهر النائم لكنه لم ينم ...

هل ستتم التجربة حقا؟؟؟؟؟

لماذا اشعر بتلك البرودة؟؟؟؟ .... احكمت اغلاق معطفى حول رقبتى و واصلت الانتظار ...

لكن اعتقد ان هناك شئ ما يتغير ...

لاحظت تلك الحركة الخافتة اسفل الغطاء الصوفى ... تابعت بعينى ارتفاعه البطئ الذى ينبئ بتكون شئ ما باسفله ... لم استطع ان احدد شعورى ... هل اشعر بالخوف حقا؟؟؟ ... اننى لا اشعر بشئ على الاطلاق ...

لكننى اعتقد فعلا ان التجربة قد نجحت ... لان النائم الذى تكون تحت الغطاء قد حصر الغطاء عنه و جلس على طرف السرير فى منامته ذات الخطوط الزرقاء الطولية ... ارتسمت نظره غريبة على عينه اليسرى الزرقاء لان عينه الاخرى كانت بيضاء تماما لا ترى شيئا ... هل تلك النظرة التى ارتسمت على عينه نظرة سخرية؟؟؟

أم اننى اتوهم؟؟؟؟؟

و لماذا لا يصدر اى صوت منهم؟؟؟؟

و لاول مرة منذ تكون ذلك الشئ امامى قمت بالقاء النظر عليهم ...

و اعلم الان لماذا لا يصدر عنهم اى صوت !!!

كانوا متجمدين تماما ... القى الرجل الكبير السن راسه الى الوراء و لمحت اصابعها و قد تجمدت بين خصلات شعرها و لمحته ينظر اليها و فمه مفتوح فى وضع الكلام ... لكنه لا يقول شيئا ...

و لمحته يسير بينهم متجها الى دون ان يتغير شئ من وضعهم الصامت ...

و وقف امامى و نظر الى ... فوقفت و نظرت اليه ...

نعم .... اننى لا اشعر بأى شئ على الاطلاق !!!

-          و لكن لماذا انا؟؟؟؟ .... لماذا لم يحدث لى ما حدث لهم؟؟؟؟ 

-          من قال هذا؟؟؟؟ 

لم افهم شيئا !!! .... ارتسمت على شفتيه ابتسامة خفيفة و التفت حولى على افهم شيئا ... فوقع نظرى على جالسا على مقعدى و راسى مطاطئ على صدرى فى وضع النائم ...

لم استطع الكلام ... اخذت ادور حول الكرسى الذى المح نفسى جالس عليه فى وضع النائم و متجمد مثلهم تماما ... لمحت قطرات عرق خفيفة قد تكونت فوق شفتى رغم برودة الجو ... مددت اصابع مرتجفة الى شفتى ... او بصورة ادق ... الى شفاه ذلك الجالس فى وضع النائم ... الذى هو انا ... و اعلم الان اننى فعلا لا استطيع لمسه ...

و لا اشعر بشئ على الاطلاق ...

-          الم تطق يوما للانطلاق؟؟؟؟ ... لقد نجحت التجربة التى حلمت ان تحققها طوال حياتك !!! 

اصمت ...

-          الان سوف تذهب معى .... و سوف ادلك على معالم الطريق !!! 

و اعلم اننى سوف اذهب ...  









الاسكندرية – 25 فبراير 2013  

فتاة الشرفة ذات الستائر الحريرية

حقا انه حفل صاخب .... تتحرك قدماى بخطوات سريعة بين المدعوين ... ينتشر الهرج و المرج فى المكان و تتعالى اصوات الضحكات ... تغمرنا الاضواء الباهرة بينما اوزع ابتساماتى السريعة فى وجوه كل من اقابلهم ... تبدو ايات الفخر و الجمال فى المكان الذى اتجول فيه بساحته الواسعة و اعمدته الرخامية البيضاء ذات التيجان المنحوتة برسوم من عوالم الخيال ... تتدلى الثرى الضخمة من السقف و ينعكس الضوء على لآلئها فتبدوا  كالنجوم  ...

اقترب من احدى المجموعات المنتشره فى ارجاء المكان ... و تتعالى منهم الضحكات ... تشير لى احداهن ان اقترب ... وتأخذنى قدماى اليهن و انا ارفع الكاميرا الخاصة بى امام وجهى استعدادا للتصوير  ...

-       ابتسموا ...

تختفى فى لحظات الابتسامات المقهقهة و يحل محلها ابتسامات ناعمة ضئيلة ... يقتربوا من بعضهن استعدادا للتصوير و تبدو على وجوههن جميعا مظاهر الود و الحب لبعضهن ... ترتسم على جانب فمى ابتسامة خفيفة غير ملحوظة و ارفع الكاميرا امام عينى ... و يسطع الفلاش فى وجوههن ليعلن انتهاء حالة التمثيل اللحظية ... و يعودوا ثانية الى ضحكهن الصاخب  ...

انظر الى الصورة التى التقطتها و تتسع ابتسامتى ... كالعادة مختلفة عنهن ... يبدو ان الكاميرا التى اقوم بالتصوير بها مختلفة عن اى كاميرا فى العالم  ...

لكننى اشعر بالارهاق ... اشعر بالتعب من تكلف الابتسام فى وجوه المدعوين ... بالتاكيد انا لا اكرههم لكننى لا احبهم لدرجة الابتسام بود حقيقى فى وجوههم ...

المح الستائر فى نهاية القاعة تتحرك بصورة خافتة بتأثير الرياح ... تأخذنى قدماى الى الشرفة طمعا فى بعض الهدوء ... ازيح الستائر و ادخل و اغلقها خلفى ... و اراها  ...

تستند على جدار الشرفة و اعلم انها تنظر امامها بعيدا الى الافق الداكن اللانهائى ... يغطى شعرها الاسود الطويل ظهرها ... يضيئه القمر الذى ينعكس بنور خافت على قطرات الندى الضئيلة التى تغطى شعرها و تغطى المكان ... احس بهمسات الرياح الخفيفة فى اذنى تحملنى بعيدا عن العالم ... فى لحظات يختفى الصوت الصاخب و يحل محله صوت الرياح الخافت و ملمس الندى البارد على وجنتي ... و انفصل تماما عن العالم الذى اتيت منه ... فقط لاعيش اللحظة الحالية بكل مظاهرها و معانيها  ...

ربما سمعت خطواتى الخافته او سمعت صوت انفاسى و انا اقف ورائها ... لا اعلم ... لكنها التفتت و راتنى ... و ابتسمت  ...

-       ازيك عامل ايه؟؟؟؟
-       كويس الحمد لله ... لسة عايش !!!

و ابتسم  ...

و يغمرنا الصمت لحظة بعباءته فلا نسمع غير صوت الرياح الخافت ..

تشير الى الكاميرا التى احملها و تبدأ فى الكلام  ....

-       انت بتحب التصوير ؟

ابتسم  ....

-       مش موضوع بحبه .... لكن دى وظيفتى  ...
-       وظيفتك ايه؟؟؟؟
-       انى اخد للناس صور  ...
-       طب انت واقف هنا ليه بقى؟؟؟ ... اكيد هما محتاجينك جوة ...

تتسع ابتسامتى و اضحك ...

-   مظنش الصور اللى لقطتها حتعجبهم ... اصلها مش شبههم ... مش زى ما هما حبوا انها تطلع  ...
-       فى صورة فى الدنيا تبقى مختلفة عن الحقيقة؟؟؟؟

اشير الى الكاميرا التى احملها و ابتسم  ...

-       الكاميرا بتاعتى مختلفة  !!!!!!

تبتسم بدورها  ...

و ياتى دورى فى الكلام  ...

-       انتى مش واقفة معاهم جوه ليه؟؟؟ ...
-       انا كنت واقفة معاهم من شوية و كنا عمالين نضحك و نهزر  ....

و تنظر الى  ...

-       بس انا مشفتكش جوة  !!!
-       لا عادى .... اصل انا مش بقف مع حد ...

و اشير مرة ثانية الى الكاميرا التى احملها و ابتسم  ....

-       انتى نسيتى وظيفتى؟؟؟؟ ..... امال حصورهم كلهم ازاى؟؟؟؟

تبتسم مرة اخرى ...

-       طب سبتيهم و واقفة لوحدك هنا ليه ؟؟؟

تنظر لى محتفظة بابتسامتها .... لكننى لاول مرة المح مظاهر الارهاق فى عينيها  ...

و ترد علي بصوت خافت  ...

-       يعنى ... تقدر تقول انى حبيت ابقى مع نفسى شوية (تصمت) ... تعبت شوية  ...
-       ما انا جاى هنا برضه عشان تعبت شوية ...

و اشير الى المكان وراء ظهرى  ....

-       لكن غصب عنى لازم حرجع  ...

يتواصل الكلام بيننا خافتا متقطعا فى اول الامر تتخلله فترات طويلة من الصمت ... لكن الوقت يمضى و تقصر معه فترات الصمت و تزداد فترات الكلام حتى يغدو كلاما متواصلا يمضى الى ما لا نهايه .... احاول جهدى ان اعيش لحظات السعادة التى اعلم انها محدودة ... لا ابالى بما سيحدث بعد انتهاء تلك اللحظات ... انا الان موجود و هى موجودة فهى ممتدة بداخلى الى الابد ...

لكنها انتهت  ...

تنظر الى ساعتها  ...

-       انا دلوقتى لازم امشى ...

نصمت  ...

تشير الى الكاميرا التى احملها و تبتسم  ....

-       مش حتاخدلى صورة بالكاميرا بتاعتك؟؟؟
-   انتى مش محتاجة تتصورى بالكاميرا بتاعتى .... الصورة اللى حتطلع من الكاميرا بتاعتى مش حتختلف عن اى كاميرا تانية .... لكن ده بالنسبة ليكى انتى بس  ...

و اسالها قبل ان تمضى ...

-       على فكرة ... انا معرفتش اسمك لحد دلوقتى ... اسمك الحقيقى  ...
-       انت بالذات المفروض متسالش السؤال ده  !!!!
-   انا مش بسال ... انا عايزك تقوليه عشان تفضلى على طول فاكراه جواكى ... انتى متميزة عن العالم كله بان اسمك الحقيقى هو اسم الخيال  ...
-       ..........

و ابتسم لصمتها ...

-    كدة انتى ليكى اسماء كتير جدا ... اى حاجة فوق حدود الخيال حتبقى مجرد اسم من اسمائك ...

تبادلنى الابتسام ... و تزيح الستائر ... و تمضى ...

ابقى وحيدا فى الشرفة ... احاول كل جهدى ان استعيد ذلك الوجه الصامت الصارم الذى نسيته طوال تلك اللحظات ... لا يجب ان يرانى احد ضعيفا ... احاول كل جهدى ان اروض ذلك الطفل الحالم العابث و اقنعه بالرجوع الى اصفاده الحديدية بداخلى ... لقد تركته يمرح امامى لفترة طويلة ... كان بحاجة الى الاستمتاع بالنور و الانطلاق فى الحقول الخضراء الممتدة الا ما لا نهاية .... لكنه يجب ان يعود ... و يجب على ايضا ان اعود  ...

ازيح الستائر و اعود مرة اخرى الى الحفل الصاخب ... اعود مرة اخرى الى توزيع الابتسامات فى وجوه كل من اقابلهم ... و ارفع الكاميرا امام عينى و التقط الصور للمدعوين الضاحكين فى صخب ... انها وظيفتى  !!!!

لكننى ما زلت المح بين الحين و الاخر عبث الرياح بستائر الشرفة الحريرية  ...

انعكاس

دائما يندهشون من ولعى الشديد بالمرايا ...

دائما يتساءلون فيما بينهم عن سبب نظرى العميق لانعكاسى فى اية مرآه اقابلها ... لماذا اقف و ابتسم لانعكاسى ... لماذا فى بعض الاحيان الوح بيدى لانعكاسى فى المرآه بتحية سريعة ... تحية سريعة عابرة غير ملحوظة ... دائما يفسرون هذا باننى رجل غريب الاطوار ... ربما بى نوع ما من الجنون ...

و لا اهتم ...

انهم بكل بساطة لا يستطيعوا رؤية ما اراه ...

انه ليس مجرد انعكاس ... انه انتى !!!

انه انتى فى مملكة السماء الخاصة بكى تنظرين الى من خلف ذلك الحاجز الفضى ... تبادلينى الابتسام عندما ابتسم و تقومين بعمل كل حركة اقوم بعملها ... اعتدت ان القى عليكى تحية الصباح بمجرد قيامى من النوم ... اعتدت ان اراكى تمشطين شعرك الطويل الاسود بينما اقوم بتمشيط شعرى امام المرآه ... دائما تتفحصين ملابسى و تنبئنى ابتسامتك الساحرة بدقة ذوقى فى الاختيار ... لم تتركينى ابدا فى اى مكان و فى اى وقت ... دائما انتى بجانبى اثناء سيرى الى عملى ... اطالع وجهك فى اى واجهة زجاجية اقابلها فى طريقى ... دائما تستطيعين اخماد ثورة غضبى و غيظى من تأنيب مديرى لى عند تأخرى فى اى يوم ... ذلك بكل بساطة اننى اراكى فى عينيه اللاتى يملؤهم الغضب ... لكن رؤيتك فقط تجعلنى انسى كل ما اسمعه كانه يتكلم لاحد سواى ... كيف اسمع اى شئ بينما اميرتى موجودة امامى تبادلنى الابتسام؟؟؟

فقط عندنا ياتى المساء تصبحين لى ... بعيدا عن الاعين الفضولية المتسائلة ...

فقط عندما يأتى المساء استطيع ان اطير الى عالمك الساحر خلف ذلك الحاجز الفضى ... استطيع ان اتحرر من جذورى التى تربطنى الى تلك الارض و اطير الى فضاء بلا حدود ...

فقط عندما يأتى المساء نتبادل الكلام و الابتسام بلا حدود ... نتكلم بلا حدود و نصمت بلا حدود ... لا نفرغ من الكلام و لا تنتهى مواضيع الكلام ... دائما هناك الجديد اللانهائى ينتظرنا فى تلك السماء البعيدة ...

فقط عندما ياتى المساء تصبحين لى و اعود كما كنت طفلا صغيرا عابثا لا اعبء باى شئ غير مرحى و انطلاقى فى حدائق جنتك البعيدة ... انسى نفسى و انسى وجودى و اصبح انتى ... انتى انا و انا انتى ... تتحد روحانا سويا فى شعاع ضوء باهر يجوب الكون بلا حدود ... تنتهى الحدود و ينتهى الزمن و ينتهى كل شئ و تبقى فقط لحظة جميلة تجمعنا سويا ... انها تلك السعادة التى اتخيل فى لحظة انها ستستمر بلا نهاية ...

و لكنها تنتهى ...

مع قدوم الفجر اعود لدنياى و مرة اخرى اعود انا كما تعودت ... تلك اللحظة التى ينام فيها ذلك الطفل العابث استعدادا لمغامرة جديدة فى ليلة جديدة ...

مع قدوم الفجر استقبل منك وعدا برحلة اخرى ... و اعيش يومى فى انتظار لحظة تحقيق هذا الوعد ...

لكنى اشتاق اليك يا صغيرتى ... اشتاق ان تستريح اناملك فى راحتى و ان اتوه فى ليل عينيكى ... دائما تبقى لحظة الوداع الحزينة مع قدوم الفجر ... عندما المح الدموع فى عينيكى لانها دموعى انا ... عندما احاول مسح دموعك تلك فترتطم اصابعى بذلك الحاجز الفضى الذى يفصلنى عنك ...

و لكنى ما زلت اعيش على امل ان تأتى الى ... لقد وعدتنى انك يوما ما سوف تحطمين ذلك الحاجز ... يوما ما ستصبحين لى ...

و انا سانتظر و لن امل يوما الانتظار ...

انا ما زلت انتظر ...

=============================================================



الأسكندرية – 4 اغسطس 2012


الطريق

-         هل تثقى فى؟؟؟

هزت رأسها بايماءة خفيفة ... اطارت الرياح الخافتة حولنا بعض من خصلات شعرها فتساقطت على عينيها .. و بيد مرتجفة ازاحتها و نظرت الى ...

"انت خائفة يا صغيرتى"

كان ذلك فى ذهنى فقط ... انا ايضا خائف لكننى لا استطيع ابدا ان انقل خوفى اليها ... هى تستمد قوتها منى و لا يمكن ابدا ان ابدو امامها متخاذلا ... امسكت باصابعها المرتعشة فى يدى و تأملت المكان حولى ... يبدو انه الفجر ... لا اعرف ... لا توجد اى دلائل لاى شئ فى هذا المكان الغريب .. فقط الوحدة و السقيع ... فقط الرياح الخافتة تحمل معها اوراق الشجر المتساقطة الى افق يمتد الى مالا نهاية ... فقط تلك الاشجار الضخمة التى تحجب عنا النور فلا ينفذ منها الا اشعة مرتجفة تنبئ بمقدم الفجر ... من خلالها استطيع رؤية الطريق امامى الممتد بين الاشجار الوارفة الى افق غير معلوم ...

لكن هل هو الفجر حقا؟؟؟؟ ....

لا اعلم ... و اعتقد اننى لن اعلم ابدا ... الذى اعلمه فقط انها فرصتى الوحيدة للعودة و يجب ان احاول استغلالها قبل ان يعود الظلام الدامس ... لا استطيع ان احدد معالم الطريق لكننى اسير بحدسى و مشاعرى و لا املك سواهما ... و املك ثقتها فى التى لا استطيع ابدا ان اخذلها ...

فليحترق العالم !!!!

احتضن اصابعها فى يدى ... احاول ان ابث بها بعض الدفء ... خوفها يقتلنى لكننى لا املك غير ان ابث لها بعض من الشجاعة الظاهرة على ملامحى و التى لا تعكس ابدا ما يدور باعماقى ... لكنها لا يجب ان تعرف ... بخطوات مترددة نشق طريقنا وسط تلك الاوراق المجعدة المبعثرة بين الاشجار ... اعتصرتها يد مارد جبار فتساقطت الحياه منها ثم القتها ارضا فى قسوة ... تبدو ملامح طريق ملتوى نسير فى خطاه و لا نعرف الى اين يقودنا لكننا لا نملك شيئا الا ان نسير وراءه ...

لكن الوقت طال يا صغيرتى ... شجاعتى المؤقتة تذهب منى شيئا فشيئا ... لا ابالى الا لنظراتك الخائفة و اصابعك المرتجفة التى تبحث عن النجاه بين اصابعى ... تستمد شجاعتها منى ... لا استطيع ان اخذلك ابدا ... لكننى لا ارى الطريق يا صغيرتى ...

و لن اتركك ابدا ...

تلوح منى التفاتة الى فتحة كهف عميق تظهر بين الاشجار المتشابكة ... انعكس عليها الضوء الخافت للحظة و لولا ذلك لم اك ابدا اراها ... تتصاعد بداخلى حدة الامل و ترسم فى اعماقى خريطة للعودة ... اعتقد اننى قد عرفت الطريق و ارتسمت احداثه فى خيالى ... حدسى ينبئنى بهذا و لا املك الا ان اثق فى احساسى ... لا املك سواه للعودة ...

و انظر مرة اخرى الى عينيها .. انقل سؤالى مرة اخرى اليها بدون كلام  ... و تنقل اجابتها الى بايماءة من راسها ...

نتحسس الطريق فى مقدمة الكهف ... لا يبدو ان احد قد وطئ بقدميه هذا الكهف ربما منذ بدء الخليقة ... لا يبدو به اى اثر لاى حياه حتى للعناكب و الحشرات ...

لكننى اثق بداخلى انه الطريق الوحيد ...

يخفت الضوء شيئا فشيئا كلما توغلنا بالداخل حتى لم اعد ارى كفى ... اسمع صوت انفاسها بجانبى تتسارع ... تشتد رجفة اصابعها فى يدى ... لا استطيع ان ارى وجهها لكننى اتخيل كل ملامح الرهبة و الخوف العميق مرتسمة على انحائه... لن ترى وجهى ابدا لكنها ما زالت قادرة على سماع صوتى ...

-         ثقى فى ...

تتسارع خطواتى فى الظلام و يشتد ضغط اصابعى على اصابعها ... لن افقدها ابدا ... استرشد فقط بتلك الخريطة التى رسمتها فى خيالى قبيل دخول الكهف ... لا ارى اى طريق من اى نوع لكننى اعلم باننى سائر فى الطريق الصحيح ... يطول بنا الوقت فى السير و احاول بين الحين و الاخر ان انقل شجاعتى اليها ... يجب ان تثق فى و الا سوف يذهب كل شئ ... لا تملك الا ثقتها فى ...

و تعرف هذا ....

يلوح لنا فى النهاية مظاهر ضوء خافت و استطيع اخيرا ان ارى وجهها مرة اخرى الذى غمرته الفرحة ... لقد لاح لها امل اخيرا باننا قد نعود ... ظهر الضوء بعد ظلام طويل ... ليس بالضوء القوى لكنه ليس ظلاما دامسا كالذى سرنا فيه لمدة طويلة ...

لكنها ليست النهاية يا صغيرتى ...

لاح لنا منعطف لطريقين يظهر من احدهما ذلك الضوء الخافت و يغرق الثانى فى ظلمات كئيبة كالتى سرنا فيها و ربما اشد ...

و اخترت الطريق الذى سوف استمر فيه ...

نظرت فى عينيها احاول نقل شجاعتى اليها ... انقل اليها سؤالى الابدى الذى لم اعد اقوله لكنها تستطيع ان تفهمه ...

لكنها لم تستجب ... لم تومئ برأسها كعادتها و انسلت اصابعها من بين اصابعى فى خفة ... و عرفت ...

لقد اختارت الطريق الاخر ... اختارت الضوء الخافت ... و لا الومها ...

لكنها لا يجب ان تذهب الان ... ليس بعد كل هذا ...

و انظر اليها نظرة اخيرة ... يتصاعد صوتى الذى حاولت جهدى ان يبدو قويا متماسكا لكنه جاء خافتا مهتزا حزينا ...

-         ثقى فى ....

قلتها فى رجاء لكنها نظرت لى نظرة حزينة ثم ادارت وجهها و بدأت فى اتخاذ الطريق الذى اختارته ...

طريق النور ...

تابعتها بعينى حتى غابت فى الطريق و وقفت لحظة احاول جهدى ان اتماسك ... فراقها لا اتحمله لكننى لا استطيع ان اقنعها بان تتخذ نفس الطريق ... لا املك اى دليل على صحته الا حدسى و شعورى ... لقد وثقت فى طوال الرحلة لكنها الان وثقت فى حواسها ... و لا الومها ...

لكننى يجب ان استمر ...

لا يطول بى السير فى الطريق المظلم حتى وصلت لتلك البوابة الضخمة ... احسست بوجودها عندما ارتطمت بها فى سيرى الاعمى ... تحسست ارجائها بيدى حتى استطعت ان اميز مقبض ادرته فاستجاب لى .. و استطعت ان افتح البوابة ...

لقد عدت ...

كان وقع الضوء على عينى التى اعتادت الظلام قويا فاغلقتها للحظات ثم فتحتها مرة اخرى ...

و تأملت المكان حولى ...

استطعت ان ارى كل شئ كما تركته ... استطعت ان اراها بجانبى ...

 لكنها ابدا لم تفتح عينيها ...

لقد ضلت صغيرتى طريقها ... لم تعد ...

امسكت اصابعها فى يدى و نظرت فى عينيها المغلقتين ...

لن اتركها ...

اعلم انها الان وحيدة تتحسس طريقها الذى لا اعلم اى شئ عنه ... لن استطيع ابدا ان اساعدها ...

لكننى لن افقد الامل ابدا فى ان تعود مرة اخرى ...


علاء نورالدين
الاسكندرية - 18 ابريل 2012